مع انطلاق أعمال مؤتمر “برلين 2” حول ليبيا، الأربعاء، بمشاركة 15 دولة و4 منظمات دولية، دعا رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة المجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده على إجراء الانتخابات بموعدها.
وقال الدبيبة “يفصلنا عن الانتخابات 6 أشهر ولكن للأسف الخلافات الداخلية ما زالت مستمرة ولم تعتمد الميزانية حتى الآن”، داعيا “المجتمع الدولي للمساعدة في إجراء الانتخابات بموعدها المحدد”.
وأضاف “مطلوب كذلك المزيد من العمل لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا”، داعيا المجتمعين في برلين إلى “الالتزام بتعهداتهم ومساعدتنا في ردع المعرقلين للعملية السياسية”.
وحول قانون الانتخابات، قال الدبيبة: “هذه العملية خارجة عن صلاحيات الحكومة، لكنها القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الانتخابات”. وأردف: “للأسف لم نر إلى الآن الجدية اللازمة من الأجسام التشريعية للمضي قدما في هذا المسار”.
ودعا الدبيبة “كافة المعنيين للقيام بواجباتهم للوصول إلى قاعدة دستورية وقانون الانتخابات المرتقب”.
من جهته، أكد وزير الخارجية الألماني وجود توافق دولي على سحب قوات المرتزقة المتواجدة في ليبيا والمدعومة من أطراف خارجية، وعلى ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الأربعاء، عقب اجتماعه مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في برلين: “نريد أن تجد ليبيا سلاما واستقرارا دائمين… من أجل ذلك نريد تحديد المسار الصحيح وضمان الدعم الدولي”، مضيفا أن المؤتمر سيركز أيضا على انسحاب القوات الأجنبية وتوحيد قوات الأمن الليبية.
وفي كلمته في المؤتمر أكد ماس أنه “قبل عامين فقط، هددت ليبيا بالغرق في دوامة من الفوضى والعنف. كانت النزاعات المسلحة بين عدد كبير من الميليشيات المتنافسة هي النظام السائد، وكانت البلاد منقسمة. لقد حقق الإصرار والتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة تقدمًا ملحوظًا منذ ذلك الحين – وعلى الأقل بفضل مؤتمر برلين ليبيا الأول في يناير 2020 وبالتضامن الدولي أدى ذلك إلى وقف إطلاق النار وكذلك تشكيل حكومة الوحدة الليبية. ولا يزال أمامنا العديد من التحديات. لمزيد من الاستقرار في البلاد، من الضروري إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها وانسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا. بالتعاون مع الحكومة الليبية والأمم المتحدة، وسنواصل الحملة من أجل ذلك”.
من جانبه، شدد بلينكن على أن الولايات المتحدة وألمانيا تسعيان إلى “نفس الأهداف بالضبط” في ليبيا، مؤكدا ضرورة استمرار تطبيق وقف إطلاق النار الحالي في الدولة التي تشهد حربا أهلية، وقال: “لدينا فرصة لم تتح لنا منذ سنوات لمساعدة ليبيا حقا على التحرك نحو دولة آمنة وذات سيادة”.
وكانت السفارة الأمريكية لدى طرابلس قد أعلنت في تغريدة، الأربعاء، أنه”خلال مؤتمر برلين 2 حول ليبيا سيشدد بلينكن على أهمية إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفقا لخارطة الطريق التي وضعت من طرف منتدى الحوار السياسي الليبي”.
وقال بلينكن في تغريدة عبر حسابه: “سأعمل مع شركائنا لتعزيز السلام والاستقرار من خلال حوار برلين 2”.
وشارك في المؤتمر أربع منظمات دولية هي الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، فيما تغيب عن المؤتمر وزيرا الخارجية الصيني والروسي، وحضر ممثلان عنهما. وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها الحكومة الليبية في فعاليات مؤتمر برلين.
وضمت قائمة الدول المشاركة كل من ليبيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة. كما شملت قائمة المشاركين تونس والجزائر والمغرب ومصر والإمارات.
ورأت صحيفة “تاغس شاو” الألمانية أن أكبر العقبات التي تعترض طريق الوحدة في البلاد القوات المسلحة الأجنبية في ليبيا. ففي الشرق، يدعم خليفة حفتر روسيا والإمارات ومصر، فيما لا تزال تركيا تقف إلى جانب القوات المسلحة في الغرب. وقالت الصحيفة الألمانية إن المشكلة أن ليبيا يحكمها عدد لا يحصى من الميليشيات والمجموعات القبلية والجهات الفاعلة الأخرى، ولا أحد يعرف ما إذا كانوا سيتخلون حقًا عن قوى الحماية الأجنبية الخاصة بهم – خاصةً أنهم يمثلون مصالحهم الخاصة في ليبيا. لذلك في الأشهر الستة المقبلة التي تسبق الانتخابات، لا يزال هناك خطر من اندلاع القتال مرة أخرى.
وبحسب بيانات منظمات المساعدة الدولية المشاركة في المؤتمر، لا يزال الوضع الإنساني في ليبيا، البلد الذي مزقته الحرب الأهلية، حرجا على الرغم من التحسينات السياسية الطفيفة.
وقالت كاترينا لومب، رئيسة المفوضية في ألمانيا، لصحف مجموعة فونكه الإعلامية بمناسبة المؤتمر الثاني لليبيا في برلين، إن الوضع “لا يزال يثير القلق. إذ لا يزال 1.3 مليون شخص في جميع أنحاء ليبيا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية. وهناك أكثر من 42 ألف لاجئ وطالب لجوء وحوالي ربع مليون نازح عن بيته داخل الأراضي الليبية”.
وبعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى استمر عقدا، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير الماضي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة يرأسها عبد الحميد الدبيبة صادق عليها البرلمان في آذار/مارس. وأعاد ذلك الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع.
ويعول الاتحاد الأوروبي على السلطة كذلك لحل مشكلة المهاجرين الذين يبحرون من السواحل الليبية في زوارق غير آمنة تحمل أكثر من طاقتها في غالب الأحيان، في محاولة للوصول إلى أوروبا.
لكن الانقسامات عادت لتظهر في الأسابيع الأخيرة بين السلطة في طرابلس وخليفة حفتر في شرق البلاد.
ورغم الهدنة الرسمية القائمة منذ في تشرين الأول/أكتوبر، حذر الموفد الدولي الخاص إلى ليبيا يان كوبيتش من أن عملية سحب القوات الأجنبية وتوحيد المؤسسات، تشهد جمودا.
وفي كانون الأول/ديسمبر قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم. وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة.
وأكدت مصادر في الأمم المتحدة أن “عدد المقاتلين لم ينخفض بشكل كبير، لكن لدينا وقف إطلاق نار مقبول بشكل عام ومحترم في كل أنحاء البلاد”. إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة أعربوا عن خشيتهم من التهديد الذي يشكله هؤلاء الرجال المدججون بالسلاح على المنطقة عند انسحابهم. فقد قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في نيسان/أبريل خلال هجوم شنه متمردون تشاديون انطلقوا من ليبيا.