شهدت بيروت تبريداً لحرب البيانات التي اشتعلت بين الرئاستين الأولى والثانية حول موضوع تأليف الحكومة والصلاحيات الدستورية والتي أدخلت الملف الحكومي في سُبات عميق، ولم يُسجّل سوى صدور بعض المواقف لنواب من طرفي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في وقت سعى حزب الله إلى التهدئة، وأكدت كتلته النيابية ” أن تشكيل الحكومة في لبنان يبقى هو التدبير الأول الذي يتوقّف عليه تقرير الحلول والإجراءات”، معتبرة ” أن التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أنّ التصلّب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات،وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين”.
ورأت الكتلة”أن اختلاف المقاربات بين المسؤولين ينبغي أن يكون مدعاةً لمراجعة الأفكار والمعطيات وإعادة النظر في تقدير الأوضاع والمواقف، وصولاً إلى تحقيق التفاهم المشترك”،مشيرة إلى أنه “مهما بلغت التعقيدات فإنّ الجهود والمساعي التي ينبغي أن يواصلها المسؤولون أثناء الأزمات، من شأنها أن تبعث على الأمل في نفوس المواطنين لأنّها توسّع مساحة التلاقي بين الأطراف والفرقاء، ولأن البلد بحاجة إلى مزيدٍ من الحوار والتفاهم الإيجابي بين أبنائه لحفظ مصالح البلاد العليا ولقطع الطرق أمام الانتهازيين والمثيرين للعصبيّات ومنعهم من إسقاط ثوابت الوفاق الوطني”.
وعلى خط مواز، كان الرئيس المكلّف سعد الحريري يلتقي رؤساء الحكومات السابقين لاستعراض سلسلة المواقف ومصير مبادرة رئيس المجلس النيابي، الذي أكد استمرارها في ظل تراجع الآمال بتحقيق أي خرق جدّي يؤسّس لحكومة إنقاذية تضع حداً للانهيار المتمادي.واستقبل الحريري مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو على رأس وفد من مشايخ جبل لبنان، ورفض الجوزو”الاعتداء على الطائفة السنّية بأي شكل من الأشكال”، داعياً رئيس الجمهورية” لأن يكون حيادياً وليس منحازاً ضد هذه الطائفة أو ضد رئيس الوزراء، الذي له دوره الأساسي في الدستور، ولا يمكن أبداً تجاوز هذا الدور بأي شكل من الأشكال”.واتهم باسيل ” بالتآمر على البلد ومحاولة لعب دور ليس من حقه، فهو ليس رئيساً للجمهورية،ولا يمكن أبداً أن يكون هناك رأسان لرئاسة الجمهورية”.
وقد شكّل عنوان تأليف حكومة إنقاذ أحد أبرز عناوين تحرّك الاتحاد العمالي العام الذي نفّذ إضراباً عاماً، كان المستغرب فيه أن أحزاب السلطة تسابقت إلى الالتزام به وتأييده، ما دفع البعض إلى القول إن السلطة تُضرِب وتتظاهر ضد الشعب وكأنه هو المسؤول عن تعطيل الحلول وعن الانهيار.
وقد شهد الإضراب قطعاً للطرقات في عدد من المناطق وخصوصاً في خلدة والدورة وكورنيش المزرعة والمدينة الرياضية وشتورة وطرابلس، لكن الخوف من حصول إشكالات وأعمال فوضى ترافق التحركات على الأرض كان في غير مكانه،وبقي الوضع مضبوطاً ولم تنزلق الأمور إلى استخدام الشارع لأهداف سياسية من أطراف ضد أخرى.
وأكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في كلمة خلال اعتصام مركزي ” وجود محاولة اغتيال للشعب اللبناني ودعوته للهجرة”،وقال “ما نراه هو انهيار كل المنظومات الصحية والتربوية والاقتصادية والمستشفيات، حيث أصبح الحد الأدنى للأجور أقل من 30 دولاراً”، مضيفاً “يجب التصدّي من أجل الحفاظ على ما تبقّى من لبنان وكل فئات الشعب، وهذا لا يتحقّق إلا من خلال حكومة إنقاذ تمهّد لاستقرار سياسي وتمهّد للمعالجات الاقتصادية وما عدا ذلك ضرب من المحال”.
وتوجّه إلى السياسيين بالقول” توقّفوا أيها الساسة عن التراشق والاتهامات والمحاصصة وبادروا إلى حكومة إنقاذ.إن ما يحصل يخرج عن نطاق العقل،توقّفوا عن تنفيذ سياسة القتل في حق الشعب وبادروا إلى تقديم الحكومة الانقاذية، فالشعب اللبناني الذي صدّر الحرف إلى الخارج أصبح يلهث خلف لقمة العيش،وإن لم تبادروا لتشكيل حكومة إنقاذ فإن الفوضى ستكون عارمة”.
وسأل رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه الجباوي الذي تحدّث باسم هيئة التنسيق النقابية ” أتعجبكم مشاهد الذل وطوابير السيارات أمام محطات المحروقات؟أيعجبكم عدم توفر الأدوية في الصيدليات ؟ أيعجبكم رفض المستشفيات استقبال المرضى إلا بالملايين العشرين كتأمين أولي؟ أيعجبكم توسّل المواد المدعومة في التعاونيات؟”، وأضاف للسياسيين” كل هذه المصائب والمشاكل…. ألا تستدعي منكم وقفة ضمير وإنسانية!.إلى أين أنتم ذاهبون بمصير البلد وأنتم تتصارعون على جنس الملائكة، إذا لم تبادروا وتتنازلوا فالعصيان المدني سيكون ملاذنا وطريقنا وبات قاب قوسين أو أدنى”.