الأردن ،نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا أعدته “بيل ترو” قالت فيه إن الملك عبد الله الثاني رفض المزاعم التي كشفت عنها “أوراق باندورا” لكنها تأتي في وقت حساس له.
وأضافت الكاتبة أن الملك اعتبر المزاعم التي قالت إنه أقام إمبراطورية عقارية بـ70 مليون جنيه إسترليني أنها “تشهير وتستهدف سمعة الأردن” في وقت يواجه العاهل الأردني أسئلة حول أسلوب حياته الباذخ ونفقاته، في وقت يطلب من المانحين الغربيين دعم بلده الذي يعاني من نقص المال وإخراجه من الركود الاقتصادي.
وجاءت التقارير غير المريحة للملك بعدما قررت المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين نشر مجموعة من الوثائق زعمت أن الملك استخدم شبكة سرية من الشركات لشراء عقارات في بريطانيا والولايات المتحدة بما فيها “فيلا” في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وشقق سكنية فاخرة في العاصمة واشنطن، والعاصمة البريطانية لندن وأسكوت، وكلها تصل قيمتها إلى نحو مئة مليون دولار أمريكي.
وقالت ترو إن الكشف عن “أوراق باندورا” يأتي في وقت حرج. وكان الملك عبد الله وقت نشرها في اجتماع مع البنك الدولي لمناقشة مزيد من الدعم للأردن الذي يعاني من مشاكل ويواجه تحديات للتعامل مع أزمة اللاجئين وتزايد معدلات البطالة. وتأتي الأوراق في وقت وجّه أخوه غير الشقيق اتهامات للقيادة الأردنية بالفساد، فيما عرف بالمحاولة الانقلابية المزعومة.
وطالما نُظر للأردن على أنه شريك حيوي للغرب في الشرق الأوسط وواحة استقرار في منطقة مضطربة تعمها الحروب. وحصل في السنوات الأخيرة على مساعدة جوهرية من دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة، ولكنه شهد في السنوات الأخيرة حركة احتجاج صاخبة بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وأنكر الملك عبد الله أنه قام بعمل غير مناسب، قائلا إنه أخفى العقود لأسباب أمنية.
وأكد بيان صادر عن الديوان الملكي أن الملك لم يتم استخدام المال العام أو الدعم الدولي، وأن نشر ممتلكاته العقارية “خرق أمني صارخ وتهديد لسلامة جلالته وعائلته“. و”أي زعم يربط الممتلكات الخاصة بالمال العام أو المساعدة (الدولية) عار عن الصحة ومحاولة مقصودة لتشويه الحقائق”، وجاء في البيان أيضا: “اتهامات كهذه هي تشهير ويقصد منها النيل من سمعة الأردن ومصداقية جلالته أيضا”. ولم تظهر التفاصيل التي كشفت عنها “أوراق باندورا” في الصحافة الأردنية التي تراقبها السلطات بشكل مباشر أو غير مباشر، مما يعطي صورة أن القصر يشعر بالقلق من المزاعم.
وحاول صحافيون في صحف أردنية نشر تقارير، إلا أنهم تلقوا مكالمات تطلب منهم حذف المقالات كما أخبروا صحيفة “واشنطن بوست”. ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الكشف لن يقود إلى احتجاجات جديدة، ولكنها قد تضر بشعبية الملك الذي تحدث دائما عن المعاناة الاقتصادية لشعبه وضرورة الدعم الخارجي للبلد. ويعتبر الأردن من بين أفقر دول المنطقة، ويعتمد على مليارات الدولارات من الدعم الخارجي، في وقت يحاول التعامل مع أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب الأهلية في بلادهم.
وقالت بسمة مومني، أستاذة العلوم السياسية في جامعة واترلو الكندية إن “منظور هذا الكشف هو عبارة عن برشامة مرة لا يمكن للأردنيين الذين يكافحون للعيش ابتلاعها. والعيش في هذا البلد مكلف جدا. ويعتمد الناس في حياتهم على الدعم الاقتصادي من الذين يعيشون في الشتات”. وقالت: “لا أعتقد أن امتلاك الملك أرصدة في الخارج أمر مثير للدهشة، ولكن عليه الدفاع عن نفسه وبقوة ضد (اتهامات) استخدام الدعم الأجنبي وتحويله إلى خزينته. ويشعر الناس بالإحباط من وضعهم الاقتصادي”.
واعتمدت “أوراق باندورا” على 12 مليون ملف حصلت عليها المجموعة من 14 شركة حول العالم. وأطلق عليها “أوراق باندورا” لأنها ألقت ضوءا على الطريقة التي حاولت فيها النخب الحاكمة والمسؤولون الكبار والقضاة والجنرالات ونجوم الفن والفاسدون استخدام الحسابات فيما وراء البحار لإخفاء حساباتهم التي تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات.
وفي حالة الملك عبد الله الذي يوزع سنويا جائزة باسمه لتميز الأداء الحكومة والشفافية، وجد المحققون أن العاهل الأردني استخدم شبكة من الشركات في الملاجئ الضريبية وساعدته في الفترة ما بين 2003- 2017 لشراء 14 بيتا تقدر قيمتها بـ106 ملايين دولار في الولايات المتحدة وبريطانيا. ومن بينها ثلاث بيوت مترابطة على الساحل في بيونت ديوم، وهي منطقة خاصة بالأغنياء قرب لوس أنجليس، وأيضا “فيلا” من سبع غرف تطل على المحيط الهادئ اشتراها عام 2014 عبر شركة في بريتش فيرجين أيلاندز بثمن 33.3 مليون دولار، وهو رقم قياسي في ذلك الوقت.
وتشير الأوراق لعدد من الشقق السكنية في واشنطن والمطلة على نهر بوتوماك. ونفى الملك عبد الله أن يكون هناك أي خطأ في هذه المشتريات، مؤكدا أنها عادة ما تخصص للاستخدام الرسمي. وجاء في بيان القصر: “لم يتم الإعلان عن هذه العقارات حفظا للأمن والخصوصية وليس السرية أو محاولة إخفائها كما زعمت هذه التقارير”. و”الحفاظ على الخصوصية مهم لزعيم دولة في موقع جلالته”.
وواجهت حكومة الملك أزمة بداية هذا العام عندما قام أخوه غير الشقيق وولي العهد السابق حمزة باتهام “النظام السياسي الحاكم” بالفساد والعجز. وزعم الملك أنه ضحية “مؤامرة خبيثة” ووضع الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية، واقتيد مساعدان سابقان للملك إلى المحاكمة وصدرت ضدهما أحكام بالسجن.
ونقلت وكالة أنباء أسوشييتد برس عن المحلل السياسي لبيب قمحاوي، قوله إنه من الباكر التوصل إلى نتيجة عن أثر هذه الملفات على الملك. مضيفا: “قد تؤثر على قدرة الملك البحث عن دعم” و”عمل كالعادة؟ ولن يكون كما في السابق بعد انتشار المعلومات حول العالم”.