فايننشال تايمز: لماذا أصبح كريم بن زيمة هدفا لليمين الفرنسي ومركز الحرب الثقافية؟

لا توجد تعليقات

قال سايمون كوبر في تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” إن مهاجم الوسط بنادي ريال مدريد كريم بن زيمة، أصبح في مركز الحروب الثقافية التي يشنها اليمين الفرنسي المتطرف. وتحت عنوان “مهاجم فرنسا الضال هو كرة قدم للمشجعين المتطرفين في فرنسا”، أشار إلى أن بن زيمة المولود في الضواحي بات يجسد لمشجعي اليمين المتطرف صورة العدو والتهديد عليهم. وقارن الكاتب بين مقابلة فرنسا وألمانيا الغربية في المباراة قبل النهائي في مباريات كأس العالم التي عقدت في إشبيلية عام 1982 حيث اعتبر الكثير من المشجعين الفرنسيين اللاعبين الألمان ليس مجرد منافسين بل وأحفاد أعداء حرب. وتعيد الكرة الطائرة من حارس المرمى الألماني توني شوماخر والتي أدت إلى دخول اللاعب الفرنسي باتريك باتسيستون للمستشفى وخسارة فرنسا بالضربات الترجيحية ذكريات مؤلمة.
لكن في المباراة الأولى بين فرنسا وألمانيا ضمن منافسات كأس الأمم الأوروبية 2020 في مدينة ميونيخ، الثلاثاء لم يعد الألمان العدو بل واختار بعض المشجعين الفرنسيين عدوا مختلفا: وهو مهاجم الوسط بن زيمة. وينظر إليه اليمين المتطرف في فرنسا على أنه تجسيد لثقافة “بالنيو” (الضواحي) الفقيرة والتي يعيش فيها المهاجرون بفرنسا. وحلت “الضواحي” محل ألمانيا كمركز للتهديد من هجمات عنف.
ومرة أخرى تحول الفرنسيون لأبطال العالم عندما أصبحوا موضوعا للحرب الثقافية على طريقة ترامب والمتركزة على العرق. وطرد بن زيمة عام 2015 من الفريق الفرنسي وسط اتهامات بمساعدة صديق على ابتزاز لاعب دولي فرنسي فيما عرف باسم “لاسيكستيب”ـ وهي قضية ستبدأ جلساتها في تشرين الأول/أكتوبر.
وفي تلك الفترة قادت زعيمة الجبهة الوطنية ماري لوبان الحملة “يجب ألا يسمح لكريم بن زيمة المشاركة أبدا في الفريق الفرنسي. وأعتقد أنه شخص طالما أظهر احتقارا لفرنسا”. وبعد ستة أعوام تقريبا استدعي مرة أخرى لفريق “الزرق”. ويرى الكاتب أن بن زيمة هو هدف مفصل لليمني المتطرف، فهو جزائري الأصل ونشأ في الضواحي خارج مدينة ليون وأصبح ميلونيرا مهاجرا من خلال لعبه في فريق ريال مدريد ووصف الجزائر مرة بـ “بلدي”. وبعد ظهور فضيحة شريط الجنس بفترة تعرضت باريس لهجوم إرهابي قتل فيه 130 شخصا، استهدف إستاد فرنسا وقاعة مسرح باتكلان وعددا من المقاهي الباريسية، مما زاد المخاوف من الشبان المهاجرين. فبعد 8 أيام التقطت صورة لبن زيمة وهو يبصق -بدون قصد كما أكد- بعد عزف النشيد الوطني الفرنسي. وفي الكثير من الدول ففريق كرة القدم هو تجسيد للأمة لكن الكثير من الفرنسيين لم يرضوا أن يكون الرمز الوطني مكونا من لاعبين غير بيض.
وفي عام 1999 أدخلت الهيئة الوطنية الاستشارية الفرنسية لحقوق الإنسان سؤالا في دراستها المسحية حول المواقف من العرق: “هل يوجد الكثير من اللاعبين من أصول أجنبية في فريق كرة القدم الفرنسي؟”، وقبل ذلك بعام كان اللاعبون “من أصول أجنبية” هم من حصلوا على كأس العالم لفرنسا. إلا أن نسبة 31% من المشاركين إما اتفقوا بشكل كامل أو جزئي مع السؤال.
وكان والد مارين، جين ماري لوبين يعرف ما يفعل عندما اشتكى “يحضرون اللاعبين من الخارج ويتركونهم ليعمدوا الفريق الفرنسي”.
وزاد عدم الرضى بالزرق أثناء مباريات كأس العالم 2010 عندما احتج اللاعبون مع مدربهم وسط الدورة. وبعد عدة أشهر ناقش مسؤولون في فدرالية كرة القدم الفرنسي بمن فيهم المدرب لوران بلان فكرة تقليل عدد اللاعبين السود في المراكز الوطنية لتدريب الشباب.
وفي 2013 وجدت دراسة استطلاعية أجرتها “بي في إي” أن نسبة 83% من الشعب الفرنسي لديهم “فكرة سيئة” عن الزرق. وفي عام 2018 أعاد فريق معظمه من البيض وبدون بنزيما شعبية الفريق وفاز بالكأس. واليوم يعتبر كيلايان إمبابي، المولود في ضواحي باريس لأبوين من أصول كاميرونية وجزائرية أفضل لاعب بحسب استطلاع “أودوكسا”. وقال إمبابي: “دائما ما شعرت بأنني فرنسي، ولم أتخل عن أصولي لأنها جزء مني ولكنني لم أشعر أبدا أنني شخص غير مرغوب فيه”. ويتم تكرار هذه المشاعر بشكل مستمر من اللاعبين الذين شاركوا في مباريات 2018 ويعارضون ما قاله مازحا المذيع الأمريكي تريفر نوح الذي قال “الأفارقة هم من فازوا في كأس العالم”.
ولا أحد يشك في صدق اللاعبين لكن لا أحد يمكنه المخاطرة باتخاذ موقف يؤكد السواد على العرق الفرنسي. وذكرهم الهجوم على بنزيما بهذا.
فقد وصف نائب عن حزب لوبان “التجمع الوطني” بنزيما بأنه “فرنسي على الورق” أو بالاسم. وقال مركز استطلاعات “إفيبو” إن معظم مشجعي اليمين المتطرف يعارضون استدعاء بن زيمة. وفتح التجمع الوطني جبهة جديدة في الحرب الثقافية عندما عارض نائب رئيس الحزب جوردان بارديلا قيام مغني راب بغناء شعار الفريق الفرنسي لمباريات أوروبا 2020، واعتبر بارديلا هذا استسلاما لـ “الحثالة”، وهو وصف يستخدم في فرنسا للإشارة إلى شبان الضواحي.
ويعتقد كل المراهنين أن فرنسا ستحصل على كأس الأمم الأوروبية، لكن الفوز به لن يعافي الدولة من الانقسام. وهو ما عبر الكثيرون عن أملهم بحدوثه بعد 2018. وقال الباحث الإحصائي ميشيل تربالات إن الفريق المتعدد الثقافات عمل للاندماج أكثر مما يمكن للإرادة السياسية عمله. لكن الأحداث منذ ذلك الوقت تشير للعكس، فالفريق الفرنسي ليس مطرقة يمكن من خلالها لفرنسا أن تعيد تشكيل نفسها ولكنه المرآة التي تنظر لنفسها عبرها.

الوسوم: , , , ,

More Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed