مقال لليسلي فنجاموري، الباحثة في مركز “تشاتام هاوس” والتي تعمل في برنامج متخصص بسياسات الولايات المتحدة والقارة الأمريكية كما تحتل منصب بروفسير مساعد لدراسات العلاقات الدولية في عدد من الجامعات.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) — الغارة الفاشلة الأخيرة ضد تنظيم القاعدة في اليمن تعكس بالتأكيد أسلوب حكم إدارة الرئيس دونالد ترامب. تهور واندفاع ودون أدنى إدراك للعواقب.
لا أحد يعلم ما إذا كان الأمر متعمدا، فالبعض يرى أن سياسات ترامب لا يمكن تفسيرها لأنها تستند على نظريات الفوضى وهي من نتاج فكر كبير مستشاريه الاستراتيجيين، ستيفن بانون. سياسات الأسبوع الأول في البيت الأبيض كانت تبحث عن وسيلة لإحداث أكبر قدر ممكن من الفوضى وإثارة ردود فعل الليبراليين بطريقة تسيء إليهم (أو هكذا يأمل أصحاب النظرية على الأقل) ما يرتد إيجابا على القاعدة الجماهيرية المؤيدة لترامب.
لكن بالنسبة للبعض الآخر، فإن ما أقدمت عليه إدارة ترامب هو اختبار بالنار يعكس رغبتها المغرورة بإثارة الانتباه والجدل وقد تمكنت الإدارة من فعل ذلك بسبب طبيعة الدائرة المغلقة التي تحيط بالرئيس والتي يبدو أنها أقصت جميع من لهم خبرات سياسية أو بعد نظر.
وبصرف النظر عن التفسير الأرجح، فإن الغارة ستقرع بالتأكيد أجراس الإنذار حول مدى التزام أمريكا بحماية أرواح المدنيين وستفتح الباب أمام اتهام واشنطن بالنفاق باعتبار أنها تنتقد نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بسبب هجماته على المدنيين، إلى جانب إتاحتها لتغذية الموجة المعادية للأمريكيين.
بعض هذه الإشكاليات قد تتسبب بتهديد مباشر للأمن الأمريكي وتؤدي إلى تعزيز قدرات الإرهابيين على اجتذاب مقاتلين، كما قد تضر بقدرات واشنطن على تنفيذ استراتيجيتها في المنطقة برمتها.
موافقة ترامب على الغارة في اليمن جرت بعد أيام قليلة على توليه منصبه، علما أن سلفه باراك أوباما كان قد طلب تأجيل غارة مماثلة رغم أنه فكّر بالموضوع مليا. قرار ترامب بتنفيذ الغارة جاء قبل يوم واحد على إعلان مرسومه التنفيذي بحظر دخول المهاجرين واللاجئين من سبع دول إسلامية، وكذلك قبل أيام على إجرائه تعديلات جذرية في لجنة الأمن القومي بات بموجبها مستشاره بانون جزءا من لجنة الإدارة على حساب رئيس الاستخبارات القومية وقائد الأركان.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار حظر السفر – الذي يحول دون دخول المسلمين اليمنيين إلى أمريكا – إلى جانب مقتل العديد من المدنيين اليمنيين في الغارة التي جرت في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، فإننا سنكون أمام انطباع بأن أمريكا لم تعد تكترث لتداعيات سياساتها على المسلمين والمنطقة.